الجمعة، 8 فبراير 2019

مَطرٌ بِنَكهةِ الصَّنوْبَرِ ... بقلم : الدكتور الشاعر إحسان الخوري

مَطرٌ بِنَكهةِ الصَّنوْبَرِ ...
بقلم : الدكتور الشاعر إحسان الخوري
هوَ مُعلَّقٌ بأهدابِ السَّماءِ ..
صامتٌ..
رأسُهُ عِندَ حافَّةِ الشَّمسِ ..
وعيونُهُ تَبحثُ في جَسَدِ الغُيومِ ..
استلقى قليلاً ..
ثمَّ غَفى إلى ما بَعدَ المَساءِ ...
أُلقِيَ حَجرُ النَّردِ ..
لا أعرفُ بماذا اصطدمَ ..
ولكنَّ بريقاً هائلاً جَرحَ السَّماءَ بجبروتِهِ..
كانَ في جِهةِ اليَمينِ يَعملُ..
فقُرِعَتِ الطُّبولُ ..
وتلاشى الصَّمتُ المَهولُ ...
فخرجَ شُعاعٌ آخرُ أزرقُ طويلُ ..
وعِندَ أيسرِ السَّماءِ راحَ يضربُ..
عاودَتِ الطُّبولُ تتعاظمُ وباشتدادٍ ..
استفاقَ المَطرِ ..
تَمطَّى هُنيهاتٍ ..
تشنَّجَ بُغتةً ..
عَصرَ أحشاءَهُ..
ربَّما هيَ محشوَّةٌ بالأوجاعِ ..
ثمَّ تراخى ..
أسدَلَ سياطَهُ ..
وطَفَقَ يَجلدُ الأرضَ ..
هوَ لا زالَ يَعشقُها ..
ولكنَّهُ يُعاني منَ السَّاديَّةِ ...
أنا ما زلتُ خلفَ نافذتي أُحدِّقُ ..
خِلتُ نفسي في زَمنِ نوحَ ..
حينَ تكاثرَتِ الخَطيئةُ ..
وتَسلَّقَتْ إلى عَرشِ رَبِّ الصَّبَؤوتِ ...
المَطرُ مَلأَ كلَّ الفراغاتِ..
وَلجَ أحشاءَ الكُهوفِ ..
وعلى عَجلٍ عبَّأَ قَنواتِ الأرضِ ...
الصَّنوبَرُ شامِخٌ ..
هوَ لمْ ينحنِ ..
ورائحتُهُ عَبقَتْ بالحِكاياتِ القَديمةِ ..
عَددٌ مِنَ الأرانبِ لا أعرفُ العَددَ ..
كانتْ تَعبثُ وَجِلةً ..
فاختبأَتْ على عجلٍ ..
وضَغابُها يعلو ..
ترنو حيناً من جُحرِها ..
ولا تَلبثُ أنْ تَتراجَعَ ..
هيَ خائِفةٌ ..
وبِدَهشةٍ مُبهَمةٍ تُراقِبُ وتُراقِبُ ...
فجأةً ..
قَوسٌ مِنَ القُزحِ تَباهى ..
وبَدأتْ تَرتفِعُ السَّتائِرُ ..
تُلملِمُ ذاتَها
تَحبو على قَوائِمِ الشَّمسِ ..
وعِندَ حافَّةِ الغُيومِ ..
التفَّتْ ناعِسةً بَعضُها على بَعضٍ ...
هُنا تَرَكتُ نافِذَتي ..
وأنا أتخيَّلُ أزمِنةَ الجَنَّةِ ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق