الأربعاء، 24 فبراير 2021

قناديلُ الصَّبا بقلم الشاعر محمد علي الشعار

 قناديلُ الصَّبا

استنارَ الوجْدُ في بُرجِ انتظاري
ورفعْتُ الأفْقَ عن كِتْفِ بحاري
وبرتني فوقَ نهريَّ الرؤى
واحدٌ يسْكُنُ والآخَرُ جارِ
كُلّما مرَّتْ يميناً زاحَ قل
بي يميناً واشتكى البعدَ يساري
إنَّ في النصفينِ قلباً للندى
ِولقد أشعلْتِ طيباً زهرَ غاري
لملميني وتعالي للهوى
من جميعِ الاتِّّجاهاتِ لناري
كِدتُ أخبو في قناديلي صَباً
وفَراشي مُستميتٌ لأُواري
وخذي قبضةَ ريحٍ واسفحي ...
ها وقولي أنجمُ الليلِ غُباري
عبِّئيني دلوَ وهمٍ من سرابٍ
ثُمَّ زُفّي للسحاباتِ اعتذاري
أسْرجي صرخةَ غيثٍ وحدَها
تتوالى فى انبعاثاتِ البراري
خَمّري من عَرَقِ الشمسِ الضنى
في كؤوسي واتركيها بمَزاري
هاتِ من نخلي نُضاراً باسماً
واجعلي النورَ سِواراً لمَداري
أقرِضي القمحَ بناناً واغرُبي
سَحْنةُ السنبلِ أهدتني سماري
طالما أبحرْتُ ناياً ساجياً
وسباني الشطُّ موجاً بقرارِ
أُرسِلُ الحُبَّ رسولاً بارِقاً
حيثُ ظنّي ... بينما أنتِ جِواري !
يا جُنوناً يزدهي فيهِ النُّهى
عُدْتُ من بيعاتِه اللحظةَ شاري
نَقَّبَ الليلُ حِساناً لا تُرى
غيرَ عينينِ هُما خلفَ دِثاري
كلُّ طيفٍ حامَ فوقي بالدجى
حالماً أنزلْتُهُ أرضَ مَطاري
كنتِ دوماً في قصيدي ملْكةً
وحروفي في قوافيها جَواري
آهِ من عَقْربِ ساعاتِ النوى
قَطَّرَ الدمعَ مِراراً من مَرارِ
وإذا حِرْتُ ضلوعاً وشذاً
أخبرَ الشهدُ عن الوردِ خياري
مائداتُ الأمنياتِ البيضِ من
وحيِ غُصْني ونسيمي واخضراري
وعلى كلِّ سراجٍ للمنى
تاجُ نورٍ مُستفيضٍ وحواري
ضرّجَ النجمُ يراعي ساقطاً
في دَواةِ الحِبرِ فاستجلى نهاري
أنتِ من وجهِ الليالي قمرٌ
وعلى كفَّيكِ للروحِ مَداري
نازحٌ من رمشِ عيني للمدى
لأرى في جبهةِ الغيبِ دِياري
خلعَ الغيمُ ثياباً واحتفى
بنباتٍ أخضرِ اللونِ سَفارِ
أنا نفسُ النهرِ غيماً في السما
غيرَ أنّي في ضِفافِ الأرضِ عارِ .
محمد علي الشعار
٢٤-٢-٢٠٢١

الخميس، 21 يناير 2021

دمع حائر ...... بقلم الأديب رمزي الناصر

 البحر الطويل .......

دمع حائر ......
ألا في فقيد الدرب ماأنا ناثر
فكم هلّ دمعي قد نعته المقابر
أإنّي وقد ناديت كل لحيظة
صعقت وقلبي في الحداد منابر
أقلّ حديثي أنني بك حالم
وأعظم وجدي أنّني فيك هاجر
لقد جاءت الأشواق تسدل ريحها
ليذرف صبري إذ بكته المشاعر
تهب جروحي في رؤاك عصية
وما لي بكا إلا القذى والمعاذر
كأنّي وإن عدّت خصال بوصفه
حزنت وللأيام بوحي ساهر
أيا ذكركم إذ يقتفي الموت صادق
وياغوثنا كم كذّب الموت ناكر
تزيد أنيني رغم ما أناشاكر
ويحمل عقلي فوق ماأنا داخر
لقد زاد همّي بالعويل فهدّني
يراعي فوافتني البلايا الهوادر
فيا نبض قف إنّ الصديق محمد
وياعين نوحي إنّ ليله حائر
رمزي الناصر

" الرسالة الأخيرة " قصة قصيرة. للكاتب عمر حداد .

 " الرسالة الأخيرة "

قصة قصيرة.
عمر حداد .
شدَّ على كفها قائلاً : إياكِ والنسيان .
نظرت إليه ، أحست بقشعريرةٍ باردة ، كانت تخاف أن يكون لقاؤهما الأخير .
أسرعت فاطمة نحو أختها وانصرفتا بغير توقف ، كانت غزة يومها تحت قصفٍ شديد ، المشهد وحدهُ كافٍ ليدخلك في دوامةٍ من الحزن والأسى ، صراخ النساء اللواتي اعتدن على استقبال الموت ، بكاء الأطفال الذين يبحثون عن براءتهم وأحلامهم ، والرجال الذين يتكئون على بنادقهم والذين بدورهم يصارعون الحياة ، والموت .
اضطرت فاطمة للنزوح مع عائلتها إلى يافا ، شعرت عند صعودها إلى الحافلة أنها تغادر فلسطين بأكملها ، أحست بغربةٍ لا مثيل لها ؛ وهي تكفكف دموع القهر بيديها .
نظرت في عيون الراكبين معها ؛ وهي تبحث عن خيطٍ من الأمل ، عن القشة التي يبحث عنها الغريقُ في عرضِ المحيط ، عن أي شيء يعيد إليها زياد سالماً ، لقد ترك في سمائها جملةً معلقةً كقرص الشمس الملتهب ، لا تغيب أبداً ، قالت لنفسها : ( إياكِ والنسيان يا فاطمة ) .
لكزتها أختها بحزنٍ عميق قائلةً :
- لماذا يتحتم علينا في غزة أن نكون بين موتين لا ثالث لهما ؟!
- لا أعرف ، لكن قال لي زياد ذات مرة : ( إن غزة هي الرصاصة المستقرة في العمود الفقري للاحتلال ، إنها الشوكة العالقة في حلوقهم ) .
- هل قال شيئاً قبل رحيله ؟
- لقد قال الكثير ، إنه يرفض المساومة ، ويرفض النسيان أيضاً ، إن القضية بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت .
أطبق صمت ثقيل ، وحده محرك الحافلة ينخرُ في رأسِ فاطمة .
وصلت فاطمة مع عائلتها إلى يافا ، لقد كان سفراً طويلاً ومتعباً بالنسبة إليها ، لم يكن مجردُ انتقالٍ من منطقةٍ إلى أخرى ، بل كان سفراً مؤلماً من ذاكرتها ووجودها إلى مصيرٍ لا تعرف عنه شيئاً .
قال والدها : سنذهب إلى بيت أخي .
دخلت فاطمة إلى بيت عمها متلهفة ؛ تبحث في وجوه الحاضرين عن خبرٍ يبددُ المخاوف التي اعترتها ، ولكن دونما جدوى .
انقضت ثلاثة أيام ، وغزة تمتد أمام فاطمة كالأفق ، لم تنسَ ، لم تنسَ أبداً .
كانت تزرع الغرفة جيئةً و ذهاباً حين سمعت عمها يقول :
- استشهد زياد ، لقد حولته قذيفةُ الدبابة إلى أشلاء يصعبُ جمعها .
ملأ الخبر أذنيها ؛ كأنه دوي انفجار ، شعرت بضعفِ ركبتيها ، وسقطت خلف الباب تبكي .
كان ذلك منذ عشرين سنة .
اليوم تعيش فاطمة مع أولادها الثلاثة ، لقد تزوجها ابن عمها ، لم تكن مشكلتها مع النصيب والقدر ؛ فهو أمر لا مفر منه ، كانت مشكلتها الكبرى مع الذين يبيعون القضية ، ويقبضون ثمن الدماء التي سفكت ظلماً .
لقد أيقنت أن الإنسان لا يمكن أن يعيش بمعزلٍ عن تاريخه و ذاكرته ؛ فالتاريخ أساس وجودهِ ، والذاكرة مرآةٌ لحاضره ومستقبله.
كان ابنها فارس يقرأ كثيراً عن الأدب الفلسطيني ، أدركت في قرارة نفسها أن مسألة انضمامه إلى صفوف الفدائيين ؛ أمراً واقعاً لا محالة .
جلست ذات يوم تنظر إليه بتمعن ، وهو ينظر إليها ويبتسم ، قال لها :
- عين الرضا أليس كذلك ؟
- قالت : بلى .
وحين همَّ بالخروج ، لحقت به ، أمسكت يده ، شدَّت عليها قائلة :
- إنني لا أستطيع أن أمنعك عن شيء تحبه و تؤمن به ، لكن إياك والنسيان .
- انتهت -

قصاصات شعرية ٧٣ بقلم الشاعر محمد علي الشعار

 قصاصات شعرية ٧٣

وكنتُ أظنُّها غيماً وتمضي
ولكنْ ما مضى حقاً .. حياتي
رميتُ حروفيَ النشوى ببحري
وكوني- قلتُ - أطواقَ النجاةِ
---
إذا فرغتْ في المرءِ مِعدتُهُ حكَتْ
تفوقُ ذكاءَ المخِّ دونَ مُبالغةْ
ولا يستطيعُ المخُّ أنْ يُخبِرَ الفتى
إذا هوَ خاوٍ : إنَّ جيبيَ فارغةْ !
---
أسئلتي جميعُها تغيَّرتْ
من بعدِ ما وجدتُ كلَّ الأجوبةْ
متى هواجسي تَعي قافيتي
وتستريحُ من ظنوني التجربةْ ؟!
---
لعاطفتي بالحبِّ ضلعٌ مُكسَّرُ
وريشٌ على المنفى يطولُ ويقْصُرُ
يطولُ بأحلامٍ ويقْصرُ يقظةً
وعظمي بطينِ الراحلينَ يُجَبَّرُ
---
كبُرْتُ على الزمانِ بألفِ عامٍ
وصِرتُ لهُ كجَدٍّ بالوريدِ
تسلسلَ فيَّ من جيلٍ لجيلٍ
وأكبرُ حِقْبةٍ منهُ حفيدي
---
أُناجي اللهَ في ألِفي ويائي
ولي في أبجدياتي فنونُ
تنوءُ الروحُ عن حملِ المعاني
ولم تُخلَقْ لأحرفِها عيونُ
نقلتُ العقلَ من رأسي لقلبي
تقدَّسَ في محبَّتِكَ الجنونُ .
---
تَمَلُّ العُمْرَ ما لم تبدُ خَلْقاً
يعيشُ العمْرَ في ثوبٍ جديدِ
ومالمْ تَعْبُرِ الغيماتِ خضْراً
وبرْقُكَ ذاتُه ساعي البريدِ
---
أُرمِّمُ في نفسي الصوامعَ كلَّها
وينبتُ في جدرانِها البيضِ سُنبلُ
وتأتيكَ من أقصى البعادِ مباهِجٌ
ويخفقُ نشواناً بظلِّكَ بلبلُ
سنترُك آثارَ القصيدةِ بيننَا
سنُسألُ عن نُعمى الحروفِ وتُسألُ
---
عندما تنطفئُ الأنوارُ ليلاً
تبدأُ الأنوارُ في نفسي تضي ُٔ
---
سأُنجِزُ ما وعدتُ النفسَ يوماً
لأني دونَه شخصٌ ضعيفُ
وأخلقُ خلفَ أُفْقِ العينِ أُفْقاً
لتخفقَ فوقَ صاريهِ الحروفُ
---
وإذا ابتسمتَ أتى إليكَ الأصدقا
ءُ وإنْ عبستَ أتاك تجعيدُ السنينْ
فاملأ حياتكَ بالسعادةِ باسماً
واتركْ وراكَ وما و راهُ إلى الأنينْ
محمد علي الشعار
١٧-١-٢٠٢١

كاسات بها سقم بقلم د. هزار محمود العاطفي اليمن

 ( كاسات بها سقم )

الحب والشوق والأحلام تكتبنا
لولا الحروف لكُنَّا مثلما الصنمُ
فالحمدُ للَّهِ الذي أسقى معارفنا
عقولنا باتت تزهو بهِ القلمُ
ياكاتبَ الشوق والأشواقُ تحملنا
أثقلت قلباً بالأحزانِ يضطرمُ
فينا من الوجد ما يدمي مكاحلنا
قذىً تبكي على أتراحنا قممُ
فجئت وزدت من بؤسٍ يُكابدُنا
أليس الضرب في الميت بهِ ظُلمُ
فما بال الذي حي يدهمنا
طوالَ اليوم لا يهدا ولا ينمُ
وحيثُ الوذُ بالأتعابِ ينسفنا
قصيد منهُ مختال ومنسجمُ
بربك خِف أوزاناً تحاصرنا
كرهت الفيس ولن تخطو لهُ قدمُ
فقد صارت كما الطُللِ معالمنا
فإن أبقى بلا شكٍ أكن عدمُ
وإن كانت على نُغصٍ مشاربنا
هجرنا النبعَ والكاسات تحترمُ
..................
د. هزار محمود العاطفي
اليمن

حادثُ شوق بقلم الشاعر محمد علي الشعار

 حادثُ شوق

تسارعَ نبضُ الفؤادِ البديعْ
وأدى لحادثِ شوقٍ مُريعْ
فمن مُسعفي غيرُ قلبِ الوداد
ومن يُطفِئُ النارَ فوقَ النجيعْ ؟!
سأشكرُ ربّي لهذا المُصاب
فلولاهُ ما ذابَ فيَّ الصقيعْ
وما كانَ خيطُ دخانٍ سما
سما غيمةً وهْوَ خيطٌ رفيعْ
تهاوت حُصوني أمامَ اللِّحاظ
ولم يبقَ لي أيُّ حِصْنٍ منيعْ
تساقطَ أصْفرُ لونِ الخريف
وعادَ ليُورِقَ لونُ الربيعْ
تنادى إليكِ صباحٌ جميل
ونحلٌ بوردِ المعاني ضليع
ودربٍ خططناهُ يوماً معاً
نُلمْلمُ منه الخطى بالرجوع
وتحترفُ الشمسُ فينا الشروق
فلسنا نغيبُ ولسنا نضيع
وألمسُ وجدي بهمسِ الشفاه
وللروحِ نحوَ التناجي نزوعْ
أُفتِّشُ عن ليلةٍ لا تنام
أُعلِّقُها في ثُريّا الدموع
وأُرسِلُ ظلّي بريداً إليك
ليرجعَ نخلاً نما بالضلوع
ونُكمِلُ بعضاً بدنيا الوجود
فآخِرُنا أوَّلٌ للشروع
سأبحثُ عن زهرةٍ بالشموع
أنا أستنيرُ وأنتَ تَضُوعْ .
محمد علي الشعار
١٠-١-٢٠٢١

دعيني أحبكِ بقلم د. هزار محمود العاطفي اليمن

 ( دعيني أحبكِ )

دعيني أُلملم من عينيكِ أقداري
دعيني أعيشكِ عشقاً وإمطارِ
أحبكِ والجنون هنا على صدري
تعالي والثمِ الأحلام في داري
تعالي أمس جيئي اليوم سيدتي
متى شئتِ فإني لقربكِ شاري
وإني يا سماء الحب منتظرٌ
فهيا عجلِ ؛ شوقي على نارِ
أراكِ كلما نامت عيون الشمسِ
وكلما بالصبح تغتسلُ ودوارِ
دعيني أحبكِ جداً إلى موتي
وبعد الموت في بعثي وإنشارِ
جميعي أنتِ زيديني عذاب فيك
ولا تخشي من أناتِ إعصاري
وكوني سنابلاً حمراء في شفتي
وإسكاراً لأوردتي وأشعاري
وكوني البرد في أجزائي مضطربٌ
وكوني الصيف صبيني بفخارِ
أغاني العشق من شفتيك أقطفها
فتأخذني إلى أعماقِ جيتارِ
دعيني أحبكِ فصلاً ربيعياً
وحسب طقوس أنسجتي وإبحارِ
نعيم الحب أدخلكِ أنا فيهِ
إله العشق والعشاق أوتاري
...................
د. هزار محمود العاطفي
اليمن